صفقة شراء امازون لسوق.كوم
تعتبر بكل المقاييس حدثا مفصليا للمنطقة. فهي حققت لأهل المنطقة وخصوصا من يعمل في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات أكثر من هدف بضربة واحدة. لذا لابد لنا من التمعن فيها ومحاولة استخلاص بعض الفوائد حتى نتمكن من استنساخ هذه التجربة الناجحة لعلنا نتمكن – بحول الله – من تكوين عشرات او مئات النجاحات:
المثابرة
سوق.كوم بدأت منذ عام ٢٠٠٥م أي منذ حوالي ١٢ عاما. ومن تجارب شخصية فانه ليس لدي أدنى شك بأن الشركة ومؤسسيها عانوا الامرين لتستمر الشركة وتزدهر. فلا يوجد ما يسمى (النجاح السريع) (Quick Money) لذا فان أول ما نستخلصه من فائدة، لأصحاب الأعمال الناشئة خاصة، أهمية الصبر والمثابرة وعدم اليأس. فلكل عمل مصاعبة وكلما ازلت حجر عثرة فإنك تحقق نجاحا ربما لم يحققه غيرك. فاستمر وثابر ولا تيأس فبإذن الله غدا أفضل.
أهمية المنطقة
رغبة امازون بدخول المنطقة في حد ذاتها تؤكد أهمية منطقتنا العربية والخليجية وحجم سوقها. لذا فعلى جميع من يرغب ببدء عمل ان يتشجع ويقدم عليه. فأن تبدأ اليوم خيرا من ان تبدأ غدا. وقد لمست شخصيا التوجه القوي للعديد من الشركات العالمية للاستثمار بالمنطقة مثل فيسبوك ومايكروسوفت وقوقل بالإضافة لشركات الاستثمار مثل نابستر وتايجر قلوبال والعديد غيرهم. وهذا يؤكد أهمية المنطقة على خارطة العالم وقوة أسواقها.
التـّـمـَــيّـز
سوق.كوم لم يكن اول موقع للتسوق على الانترنت وبالطبع ليس الأخير. اذن لماذا نجح؟ ولماذا اختارته امازون مقابل العدد الكبير من المواقع التي لا تقل عنه نجاحا؟ لن ادخل في تفاصيل السبب لأنه ليس هدفنا اليوم ولكن المهم ان مؤسسي سوق.كوم نفذوا فكرتهم وبذلوا فيها الغالي والنفيس وبالتأكيد رأوا ان لديهم ما سيميزهم عن غيرهم من مواقع التسوق. وهنا من المهم التأكيد على ان الأفكار تبقى أفكارا ما لم تقدم على تنفيذها. وبما انها أفكار فلا تعتقد انك اول من فكر فيها او انها ملك لك. كما انه من المهم دراسة المجال الذي ستدخل فيه لمعرفة المنافسين وكيف ستتميز عنهم. فما يميزك هو كيفية تنفيذك للفكرة وفريق عملك وسرعتك لتنفيذ الفكرة والوصول للسوق بالإضافة لقدرتك على مواجهة المنافسة والتكيف مع متغيرات السوق.
لمــاذا؟
السؤال الاخر لماذا تضطر امازون لشراء سوق.كوم مع انها تخدم المنطقة بشكل مباشر؟ فالعديد من الناس وانا منهم سبق وان اشترينا من امازون ووصلتنا مشترياتنا دون أي مشكلة. وهذا يثبت عنصرا اخر مهم الا وهو خصوصية المنطقة. فلا شك ان منطقتنا لها تاريخها وعاداتها وتقاليدها التي لابد من تفهمها ومجاراتها من المسوقين ليتمكنوا من الوصول لقلوب الناس ويتمكنوا من اقناعهم بالشراء منهم. فمثلا منطقتنا تحتفل بالاعياد الإسلامية مثل عيد الأضحى وعيد الفطر ولا ننسى موسم رمضان المبارك. هذه ثلاث مواسم رئيسية على شركات التسوق على الانترنت فهمها وفهم ما يحتاجه الناس في هذه المواسم. ثم يجب ان لا نغفل المعوقات الخاصة للمنطقة والتي تصعب على الشركات العالمية النجاح في السوق ولنا في كريم واوبر درس. فمثلا في السعودية مشكلة قلة عدد بطاقات الائتمان مقارنة بالسكان، مصحوبة بعدم رغبة البعض بالشراء من الانترنت باستخدام بطاقات الائتمان. لذا على المسوق الالكتروني إيجاد أفكار إبداعية لحل هذه المعضلة ومنها الدفع عند الاستلام وهذه المشكلة لا تعاني منها امازون مثلا.
القيمة المضافة
دفع امازون لمبلغ ٦٥٠ مليون دولار أي حوالي ٢.٤ مليار ريال سعودي يعني ان القيمة المضافة لسوق.كوم اعلى بمراحل. فشركة امازون تعلم ان العائد على الاستثمار (ROI) على مدى السنوات القادمة مجزي لها. وهذا يعطي شركات المال الجريء (Venture Capital) الكثير من الجرأة للاستثمار في الشركات الناشئة كون مستقبل المنطقة مشرق بحول الله. فهذه الشركات بحكم طبيعتها تبحث عن العائد المجزي وهذه الصفقة تعطي مؤشرا إيجابيا على امكانية التخارج بعوائد مجزية مستقبلا.
مما لاشك فيه ان هناك نجاحات سابقة مثل مكتوب وهنقر ستيشن وبلوت وغيرهم. ولكن تسارع وتيرة هذه الصفقات وزيادة مبالغها يجعلني شخصيا متفائلا بمستقبل اكثر اشراقا بحول الله. فهذه الصفقات تؤكد أهمية منطقتنا وقدرتنا على إيجاد شركات على مستوى عالمي ينافس أكبر الشركات في العالم. لذا لن نتوقف بحول الله عن الابداع وسيأتي – بإذن الله – الوقت الذي تستحوذ فيه شركاتنا على أكبر الشركات العالمية.